حاولت كثيراً ألا أراسلك، في كل مرة أهم فيها بالكتابة، ينازعني كبريائي 'و عزة نفسي مانعاني'. لكن لا أحد بالجوار فلأحادثك على قلة ما يصلني منك من ردود!
صرت مطاراً مؤخراً! لا، لم تخطئي القراءة، مطاراً نعم. أستقبل العائدين وأودع الراحلين. في اليوم الواحد أخرج للقاء صديق عائد من كندا وآخر مسافر إلى ألمانيا وقد أتناول العشاء مع زميل حط في مصر بعد عامين في السعودية. أشتهي السفر فكل ما ليس في يدك مشتهى، هي عادة البشر عامةً.
أستمع وأنصت باهتمام بالغ لكل من حولي هذه الأيام، أعطي النصائح وأخلص الاستشارة، ولكن في نهاية اليوم على فراشي، أتقلب بحثاً عن آخر أشاطره أفكاري، انتصاراتي وانكساراتي فلا أجد، ليل يناير بارد حقاً!
'ملعون أبوك يا طموح' يغني شاب طموح اسمه حمزة. الكلمة عميقة وتدفعني للتفكير؛ هل نحن أسرى طموحاتنا
وأحلامنا؟ 'واخدني ليه بعيد يا حلم يا عنيد؟' يغني منير، مطرب آخر طموح!
تداعبني فكرة: أن أعمل كأمين مكتبة. سوف أكون كفؤا. سأحفظ عناوين الكتب كلها وأماكنها على الرف، سأبتسم ابتسامة عريضة لأي مرتاد للمكتبة. سيحبني الأطفال وسيحبون على أثر حبي الكتب. سأمسح التراب من على الكتب وأبقيها نظيفة. سأستلم مرتبي ألفاً من الجنيهات في اليوم السادس أو السابع والعشرين من كل شهر. سأموت وأنا خالٍ من التوتر، من الاكتئاب، من الجنيهات!
للأمانة، الرب لم يقصّر معي! لا يحملك كلامي على اعتقاد أنني مكتئب أو شئ من هذا القبيل، على العكس!
أنا الآن أفضل من أيٍ وقت مضى، فقط أنا مضطرب، قلق، روحي غير مطمئنة، بدأت أدخن سيجارة في المساء، تصيبني بدوخة شديدة وصداع خفيف، كان معهم حق أصدقائي؛ أنا 'سيس' فعلاً!
ماذا تقولين؟ مللتي؟ حسناً، فلأتركك الآن. صديقكِ يناديكي؟ أي وضع ستجربون الليلة؟ أي نبيذ ستحتسون؟ أحسدك!