عزيزتى،
مرت أعوام عدة و مياه كثيرة جرت تحت الأنهار منذ أن رأيتك آخر مرة..و لكنك للأمانة كنت محقة...الميكرويف فعلا اختراع سخيف جدا..الأرز يتكسر و يصير أقرب إلى حبات الرمل الرطبة..و أفخاذ الدجاج فيه تصير مثل قطع البوليمرات التى درسناها سويا فى معامل الكيمياء و الفيزياء...أوه..زمان كثير مضى..ماذا عساى أفعل؟ هو قدرى على أية حال
طبيبى النفسى شاب مهذب و لطيف عدا أنه يخبرنى باستمرار أننى أعانى من اكتئاب مزمن..أبتلع الإهانة فى كل مرة و أبقى صامتا و لكن أولئك الصبية فى العمارة التي بها عيادته يضغطون باستمرار على زر الأسانسير ظنا أن هذا يجعله يأتى مسرعا أكثر..ناهيك عن الضجة التى يحدثونها... يا لهم من أوغاد ملاعين!
مازلت مترددا كما كنت..مازالت مسألة عصير البرتقال أم الليمون تشغل مخي و تحيل حياتي تراجيديا إغريقية حقيقية..قبل أن أكتب لك خطابى هذا، فتحت باب الثلاجة و أخذت أحدق هل أشرب الماء الفوّار أم القليل من عصير الفراولة...دخلت في سجال عقلى شديد أرهقنى بشدة فأغلقت باب الثلاجة فى عنف و قررت أن أزدرئ مرارتى
لم أخبرك بآخر أخبارى..تصوفت مؤخرا و زرت الأولياء و الصالحين و طلبت المدد من الرسول لكننى مازالت الحيرة تقتلنى..أورثتينى أنت الشك و تركتنى لتصبحى مواطنة كاثوليكية صالحة. ألا تذكرين كلامك أن الله هو صنع البشر..أنه ليس سوى خدعة أنثروبولوجية مارسها أجدادنا قديما لتمنحهم الأمان فى زمن الظلام و السباع المفترسة؟ ألم يكن أنت من قال أن المسيح ما عاش يوما؟ كيف آمنت بعذ ذلك؟ أرشدينى
فى زيارتى الأخيرة لاسطنبول درت مع الدراويش..أسكرنى الوجد..فكرت بزيارتك فى ضيعتك بجنوب فرنسا لنحتسى بضعة كئوس من النبيذ الأحمر المعتق الفاخر و لكنه كان وقت عيد الميلاد فأيقنت أنك تلتفين مع أحفادك حول الشجرة تغنون و تتبادلون الهدايا فآثرت أن أرتحل..يا لك من محظوظة!
ماذا عنك؟ سأنتظر خطابك الجديد،أرجو ألا يتأخر هذه المرة كسابقيه،،
اذكرينى دوما
هناك تعليق واحد:
:D
حلو الخيال :D
إرسال تعليق